انطلاقا من تجربة الشاعر والناقد عبد اللطيف الوراري ومتابعته الأكاديمية للمتن الشعري العربي في أصوله وامتداته صدر لصاحب "تحوُّلات المعنى في الشعر العربي"كتاب نقدي جديد وسمه ب: "نقد الإيقاع: في مفهوم الإيقاع وتعبيراته الجمالية وآليّات تلقّيه عند العرب"، عن دار أبي رقراق للنشر بالرباط 2011م. والكتاب يترجم جانبا من الإنشغال النقدي الرصين لعبد اللطيف الوراري بقضايا الشعر العربي خاصة في مكون الإيقاع الذي يعد مكونا إشكاليا لدى جل الباحتين والشعراء على حد سواء، لذلك فالباحث يتخد في كتابه صفة الجينالوجي الذي يحفر في ذاكرة الإيقاع الشعري العربي مستشرفا تعبيراته الجمالية لدى القدماء في علاقة للإيقاع بالتلقي في سياقاته النوعية، والبلاغية، والجمالية، مستحضرا مكونات مثل التناسب الذي يعتبره الوراري من أثار الاتصال بالآخر خاصة لدى (فيثاغورس، أفلوطين، أرسطو)، ونجد أنفسنا بصدد كتاب الإيقاع العربي" وجماليّاته وآليات تلقّيه أمام خبير في علم العروض وفقيه في الدوائر العروضية وما يدخل عليها من تحولات، وهو مايعكس تنوع المقاربات التي يقدمها الباحث لكتابه النقدي الجديد الذي يتكون من سبعة فصولٍ ومقدمة وخاتمة، ويشتمل على ثبت بأهمّ مصطلحات الإيقاع (العروضي، البلاغي، الموسيقي، التجويدي). يدرس الفصل الأول علم العروض وقضايا النظرية في الوزن والقافية، ويرتبط الفصل الثاني ببحث أوجه العلاقة المفترضة بين العروض والإيقاع في ارتباطهما بهويّة القصيدة العربية، وبالتالي جهود علماء البلاغة والنقد القدامى في تلقّي الإيقاع وبلورة المعرفة به، من خلال آرائهم في عناصر القصيدة ودوالّها. وهو ما تواصل البحث فيه الفصول الثلاثة الموالية، من منظور مُتطوّر يشرطُ حدوث الإيقاع بالتناسب الصوتي والدلالي، بتعبيراته البلاغية والموسيقية والفلسفية والإعجازية. أما الفصل السادس فيناقش ثنائية الشعر والنثر، وتاريخيّتها، ويكشف كيف أنّ المفاضلة بينهما حجبت الإيقاع لحساب أولويّة الوزن، فيما يتطرّق الفصل السابع إلى أشكال الإيقاع التوشيحي وتبلور بنائه المعماري في الموشّحات والأزجال، في المغرب والمشرق. وتنتهي الدراسة بخاتمة تُركّب الحصيلة النقدية، بقدر ما تنفتح على الإمكانات التي فتحتها اليوم دراسة الإيقاع، هذا المجهول واللانهائي.
وبلا شك فان هذا الكتاب سيضيئ المتن النقدي الشعري بمقارباته النقدية خاصة وأن البحث العلمي في هذا الباب يتسم بالندرة . وهو في الوقت نفسه مساهمة من شاعر وباحث متمرس بالقصيد في إعادة تأسيس رؤيا جديدة لمفهوم الإيقاع ارتباطا بتحولات الشعر العربي وآفاقه المتعددة.